الرئيسية » » مدّ وجزر | لينا شدود

مدّ وجزر | لينا شدود

Written By هشام الصباحي on السبت، 23 أغسطس 2014 | 5:54 ص

مدّ وجزر
قال:
ممّ الخلاص وممّن؟
القرون المنصرمة لم تُكسبنا السمعة الحسنة.
نحن الآن في قطيعة مع نحن.
حتى لا نُفسِد بقية الرحلة،
بخفّةٍ أغلقنا الأقواس،
وحملنا حقائب سفرنا الخفيفة.

قالت:
هل تسمع مثلي صراخ الريح،
وهي تنزلق بين الوديان؟
أم أنك تغطّ في نوم عميق خلف الأسوار.

قال:
لأسباب مجهولة غادرت أسراب البطّ المكان.
كم هي الرأفة عاجزة في لغة هذه الأرض!
اخرجي أيتها الشمس،
بؤس المداخن غيّب الدروب.

قالت:
لو دقّقتَ النظر حولك.. 
الغابة تبدأ من هنا.
لم ننتبه لمضي الوقت،
ما تزال أمامنا غابات كثيرة.

قال:
ومن ثم سنُحشر وتُحشَر كل الصور في الذاكرة،
مبرّرة صوابَ إضافتنا إلى هذه الأرض.
ولكن ماذا لو لم يتسع خيالنا الطلق للصقيع القادم؟

قالت:
لنعد الآن إلى نقطة البداية.
من زمن ونافذتنا تطلّ على تلك البحيرة،
ولكن هل تعلم تلك البحيرة بوجود النافذة.. نافذتنا.
قال:
حياة كاملة انقَضَت، وأنا
معلّق على خَطّاف..
قَرَابتي القوية مع المكان،
لم تسعفني.

قالت:
صدّقني حتى القصص غير العادية،
هي عادية جداً وليس ثمة نقاط مضيئة.

قال:
في قصائدي المبكرة
كانت طزاجة هذا الوجود تلمع في صوري النقية.
الآن أكاد أضمُّ العالم كله في قلبي،
ولكن كيف سأروي؟



قالت:
مرّ الزمن من هنا، ولم يلمحني.
كنت وحيدة في تلك المقطورة الفارغة.. 
لا أعرف إن كان الذي سمعته صفارة النهاية،
أم هواء يصفر بشدة...
يُربِكني أن يتهشّم الصمت الثمين الذي أختبره هنا.



قال:
لا أذكر إن كنت أعيش في بيت بدون حديقة،
أم في حديقة بدون بيت.
كنت أحرص على عادة السير في النوم،
كي أتحرّى العدَم..
العدَم الذي يُشفي.
ذاكرتي بلا محور،
ولون جلدي لا يسطع إلا في العراء.
اخترت لحدسي أن يعمل في الظلام.

قالت:
كلّما جزعت
تشطرُ طيور نادرة السماء
محمّلة بعبق أرض بعيدة.
فأعرفُ أنكَ هنا ..
لطالما كنتَ هنا.



قال:
كان ظهورها مُباغتاً،
تحسّستها، وزّعت عليها حيرتي،
غضضت الطرف عن جلدها الخشن،
فكّرت لو أثقبها قليلاً.
ماذا لو انفجرت بي..
الحقيقة ــ اللغم؟

قالت:
كم كانت خاطرتك النادرة 
تخلب لبّ الزرقة
يا كاتم أسرار السماء.
ها أنت تنطق بأكثر من لغة 
بأكثر من ألم
بعد أن صرت شفيعاً للضباب.

قال:
منذ عهد سحيق وأنا لا أصلح لشيء،
كل ما أفعله
هو أن أتوّج انتظاري بانتظار آخر،
وهكذا تنسجم تفاصيل هذا الانتظار لتصير حياة.

قالت:
أمام سخط الجميع 
وقفْتُ أبيع الأمل،
هبط الليل ولم يقترب مني أحد.
لم أنتبه إلى صرامة أرواحهم وقلوبهم المغلقة ..
حتى قمرهم لم يكن يلمع إلا فوق تلك
الغابة العارية.


قال:
لو تخرج تلك المرأة من قصيدتي،
لها عين قرصان.
كائنات غير مرئية تدخّلَت لإنقاذي.
تجاوزَتِ السور،
زاحمَت أشجار الغابة.
ملامحُها هادئة،
وأبداً لا تُخطئ في عدّ النجوم.

قالت:
لم أركَ تبكي من قبل،
هل يجدر بنا التوقف عند هذا الحد.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.