في المرّة القادمة إذا ألتقينا
لا تُحدّثني عن ولهكَ بأسرار النهر
سأقتنع بأنك جادٌ في محاولة نسيانك الغوص فيه
وأنا لن أُحدّثكَ عن خوفي من الغرق.
تعال نتكلّم بجديّة أكثر:
الهواء لا يجرح أحداً
نحن نجرحه في رئتنا
نطعنه بأغنياتنا
عندما نستريح في الظهيرة تحت ظل شجرة
نراقب أنين أغصانها وهي تلّوح لنا
نغّني عن الحزن ونبتسم
ننتهك عزلتها ونبتسم
ثمّ نغادرها إلى النهر دون إلتفاتة.
نسيت أن أخبرك:
بأن الزورق الورقي الذي صنعته لي
حين كنتَ في العاشرة من عمرك
الزورق الّذي تركت فيه هواءك وكتبك وفُراتكَ
لم يعد صالحاً منذ أيام لحملي إليكَ
ولا لحمل عناقيد العنب التي خبّأتها لك.
النوارس الطائشة مثلنا
فقدت بصرها أيضاً
ليس لأنك بعيد وغريب
وليس لأنني كبرتُ منذ أيام سبع سنوات إضافية
بل لأن النهر اعتذر فجأة في أن يكون نهراً
قرّر أن يصبح شاعراً يتحّدث بسيميائية عن الموت
وأن يحمل معطفه الأزرق بعيداً
ويعود إلى بيته.
