الرئيسية » » أربعة عقود من الزمن حملتها على ظهري | عواطف بركات

أربعة عقود من الزمن حملتها على ظهري | عواطف بركات

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 6 أغسطس 2014 | 9:10 ص

>>>>

أربعة عقود من الزمن حملتها على ظهري 
حتى وصلتُ للآن ...
أجهشتُ بالبكاء وأنا أطفئ السنوات الماضية 
طفولتي التي ماكبرتْ 

أنوثتي النازفة في جسد الوطن
أمومتي ...
أحبتي وأصدقائي

الرفاق ..رفاق المراحل الذين ينتهون والذين لاينتهون 

وحروفي

وذكريات متناثرة في كل مكان , في كل ركن في جسدي الثائر 
في وعي العاشق لهذه الأرض التي ثملتُ في تقديسها 

أحببتها حتى اللاوعي واللاإدراك 

أربعون عاماً وسنوات ثلاثة ...
دمشقُ تسكنني ..وتذبحني بحب ..تؤلمني ..تجرحني ...
كانت تبحرُ في عيني منذ كنتُ لاأعي معنى للمدينة التي ترضع من نهدها حليب 
الياسمين
وكانتْ قريتي الصغيرة في إحدى مناطق الريف الدمشقي وحتى الآن تغرسُ وروداً في أحلامي ..وتريني ذاتي في مراياها المعلقة على كروم الدوالي القريبة 
تقطفني رمانةً شهية من شجرة الرمان في الباحة السماوية في بيتنا الريفي 
وترميني بين صديقاتي اللواتي كبرن معي ..وتوجعن معي ..وحبلن معي بالهموم 

وأنا أصفعُ أربعين شمعةً وأرميها جانباً ...
أذهبُ بعمري الفاني لمقابر الذين رحلوا بلاوداع 
الذين سافروا من صدري بلا جواز سفر

أحملُ صوراً لمدنٍ حبيبة تمرغَ أولادي الأربعة في حدائقها 

دمشق القديمة ...الحميدية ..الصالحية ...الحمرا ...المزة ...باب توما ..جرمانا 
فكتوريا ..

دوما ...حرستا ...التل ..عين الخضرا ...الهامة ...

وأحتفظُ كما دائما بماءِ البحر في جيبي تعويذة ...
البحر الذي يغمرنا في رحلة استثنائية بعيدا عن وجوم الحياة 
قريبا من خلاص مفتعل ..وأمانٍ شهية 
بوطنٍ يحده ماء الحب

آهٍ من تفاصيل المدن والحارات 

وكأن عمري ...ثلاث وأربعون مدينة وزاوية وحارة ...وقرية ....

وأبكي ...مامضى 
وأبكي ...الطريق المسدود أمامي 

أبكي ..قسوة الحدث
وألم المصاب 
أبكي أجزائي التي تقطعت بحواجز أمنية ...
وأحلامي وأحلام أولادي التي آراها من وراءِ غصةٍ واقعة 

كأنها ظل لأشباحٍ وخيال لأشباه الحقائق

هنا بين ركام المدن في ذاكرتي ...
أداري بفساتين الممزق ..على اتقاد شمعاتي الأربع ...

أولادي الأربعة ...عمري الذي يمضي إليّ وأخشى الآن فقدانه 
برصاصةٍ صديقةٍ ...وبقذيفةٍ خاطئة 

بعروبةٍ هشةٍ تقتلُ الطفولةَ على مرأى ومسمع الكون بلارادع من دين أو من خلق

بوحشيةِ الرعاع الذين ينحدرون من سلالة قابيل الأول ...

ياكل من أحب وأعشق في كل مكان 
يامن حروفهم تأتيني في نومي براكين من حب ..ونبراساً من رفضٍ عميق لكل مايحدث

أنتم كنزي ..وحضوركم هو عروبتي الأخيرة التي تستحقُ ان تكرم 

أشكرُ كل من أرسل يهنئني بعيدي , بعمري القتيل 
بعمري الذي سيخرجُ من الشرنقة

أحبكم ..وأتمنى كثيرا كثيرا من كل شيء جميل 

لكم ..لأولادكم ...لأوطانكم 

ولي بكم ...كل صباح ميلادٌ جديد 

شكراااا
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.